المملكة العربية السعودية- ملحمة تأسيس، رؤية، ونجاح مستمر

المؤلف: مصلح الحارثي10.08.2025
المملكة العربية السعودية- ملحمة تأسيس، رؤية، ونجاح مستمر

تحل علينا الذكرى المباركة لتأسيس المملكة العربية السعودية، فتعود بنا الذاكرة إلى صفحات التاريخ المشرقة، وإلى ملحمة عظيمة سطرتها الإرادة القوية والعزيمة الصادقة، والرؤية الثاقبة، والتضحيات الجسام. فمنذ أن وضع الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- اللبنات الأولى للدولة السعودية الأولى في عام 1139هـ (الموافق لعام 1727م)، كانت تلك اللحظة التاريخية بمثابة إعلان عن بداية رحلة وطن طموح، حيث تلاقت المبادئ العريقة مع الأحلام الكبيرة لإنشاء كيان شامخ يوحد أجزاء الجزيرة العربية المتفرقة تحت لواء العدل والأمن والرخاء. لم تكن تلك الحقبة التاريخية مجرد تأسيس لدولة ذات سيادة، بل كانت بمثابة نقطة تحول مفصلية في تاريخ المنطقة بأسرها، حيث أصبحت الدرعية منارة تشع بالحضارة والازدهار والأمان، وشهدت أرض الجزيرة العربية بزوغ فجر دولة تضع في مقدمة أولوياتها تحقيق الأمن الشامل والتنمية المستدامة والنهضة الشاملة.

استمرت هذه المسيرة المباركة رغم ما واجهته من صعاب جمة وتحديات عظام، وشهدت المملكة العربية السعودية في مراحل تاريخية متعاقبة العديد من المحاولات الحثيثة لإعادة توحيد هذا الكيان العظيم. إلى أن قيض الله لها القائد المؤسس والباني العظيم، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه-، ليعيد أمجاد الأجداد العظام ويؤسس الدولة السعودية الحديثة في عام 1351هـ (الموافق لعام 1932م). لم يكن توحيد أراضي المملكة مجرد ضم للأقاليم المتناثرة، بل كان انطلاقًا لرؤية استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى تحقيق نهضة وطنية شاملة ومتكاملة. عمل الملك عبدالعزيز بكل تفان وإخلاص على بناء دولة قوية الأركان ومتينة الأسس، تتسم بالعدل والمساواة والإنصاف بين جميع المواطنين، وتحمل على عاتقها مسؤولية قيادة التنمية المستدامة وتحقيق الاستقرار المنشود في منطقة عانت طويلاً من الفرقة والانقسام والنزاعات والصراعات المريرة. ومنذ ذلك الحين، انطلقت المملكة العربية السعودية في مسيرة بناء وتطوير شاملة ومتكاملة، وشهدت توسعًا كبيرًا في مشاريع التنمية والبناء في كافة القطاعات الحيوية، وتكاملت أبعادها لتشمل مجالات التعليم والصحة والاقتصاد والبنية التحتية، مما جعل من المملكة العربية السعودية اليوم دولة رائدة ومؤثرة على المستويين الإقليمي والدولي.

توالى الملوك الأجلاء على حكم البلاد بعد الملك المؤسس عبدالعزيز -رحمه الله-، وكل واحد منهم ترك بصمة واضحة وإسهامًا ملموسًا في مسيرة النهضة والتقدم والازدهار. حيث شهدت المملكة العربية السعودية تحولات تاريخية عميقة وجذرية على كافة الأصعدة والمجالات، بدءًا من تطوير البنية التحتية المتكاملة، ومرورًا بتوسيع نطاق التعليم ليشمل جميع فئات المجتمع بلا استثناء، وتعزيز دور القطاع الخاص في دعم الاقتصاد الوطني وتنويع مصادر الدخل. كما شهدت المملكة تحولات استراتيجية هامة ومحورية في سياستها الخارجية، مما جعلها لاعبًا رئيسيًا ومؤثرًا على الساحة الدولية وفي صنع القرارات العالمية.

واليوم، ونحن نعيش في العهد الزاهر لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله ورعاه-، وسمو سيدي ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله ورعاه-، نعيش مرحلة تحول تاريخي مجيد يعكس مدى تطور المملكة العربية السعودية وتقدمها المضطرد وسعيها الدؤوب نحو المستقبل المشرق. فمن خلال رؤية المملكة 2030 الطموحة، ترسم المملكة العربية السعودية ملامح وطن عصري ومزدهر ومتقدم، يعتمد على الابتكار والإبداع، والطاقة المتجددة النظيفة، والتكنولوجيا الحديثة المتطورة. ولا تقتصر رؤية 2030 على الجانب الاقتصادي فحسب، بل تشمل أيضًا المجالات الاجتماعية والثقافية والبيئية، حيث تسعى المملكة العربية السعودية إلى إحداث نقلة نوعية وقفزة كبيرة في مجال التعليم، وتمكين الشباب والشابات، وتعزيز دور المرأة السعودية في المجتمع، وخلق فرص متكافئة وعادلة لجميع أفراد المجتمع.

وفي هذا السياق، وصف سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله ورعاه- المملكة العربية السعودية بأنها «أعظم قصة نجاح في القرن الواحد والعشرين»، وهو وصف دقيق ومصيب يعكس بصدق ما تحقق على أرض الواقع من إنجازات عظيمة وغير مسبوقة. لقد أثبتت المملكة العربية السعودية أنها قادرة على مواجهة كافة التحديات العالمية والصعاب المتزايدة، وتحويلها إلى فرص حقيقية وملموسة، لتصبح اليوم نموذجًا يحتذى به في القوة الاقتصادية والنفوذ السياسي والتأثير العالمي. فالمملكة العربية السعودية، تحت قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين، باتت في قلب التطورات العالمية المتسارعة، وتساهم بفاعلية في حل القضايا الاقتصادية الكبرى، وتقدم حلولًا مبتكرة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والبيئة، مما يعزز من مكانتها كقوة عظمى ومؤثرة على الساحة العالمية.

إن المملكة العربية السعودية، بما حباها الله من موقع جغرافي استراتيجي متميز وما تتمتع به من ثقل ديني عظيم، تعد قلب العالم العربي والإسلامي النابض. فالمملكة العربية السعودية ليست فقط موطنًا للحرمين الشريفين والمقدسات الإسلامية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بل هي مرجعية للعالم الإسلامي بأسره، تحرص دائمًا على نشر قيم السلام والعدل والتسامح والاعتدال في كافة أنحاء العالم. ومن خلال التزامها الراسخ بقيم التسامح والإصلاح المستمر، تقدم المملكة العربية السعودية نموذجًا عالميًا فريدًا في الاستقرار والأمن والازدهار، وتعزز دورها القيادي في تعزيز الأمن الدولي والسلم العالمي والرفاهية الإنسانية.

إن ذكرى التأسيس الغالية هي أكثر من مجرد احتفال بذكرى تاريخية وبماضٍ عريق، فهي تأكيد قاطع على أن المملكة العربية السعودية تقوم على أسس راسخة وقواعد متينة، وأن مسيرتها المباركة نحو التقدم والازدهار لا تعرف التوقف أو الانقطاع. فكل مرحلة من مراحلها المضيئة هي بمثابة انطلاقة جديدة نحو تحقيق المزيد من الإنجازات العظيمة والنجاحات الباهرة. فاليوم، المملكة العربية السعودية هي قصة نجاح ملهمة ومستمرة، تروى بكل فخر واعتزاز عبر الأجيال القادمة، وسيظل دائمًا حب هذا الوطن المعطاء مصدر إلهام لنا جميعًا. حفظ الله المملكة العربية السعودية، قيادة وشعبًا، وأدام عزها ورفعتها وسؤددها وجعلها دائمًا منارة للخير والسلام والازدهار والرخاء.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة